فصل: أحاديث الباب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث الباب

روى ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا بن علية عن أيوب عن عكرمة ابن خالد أن عبد اللّه بن صفوان تزوج امرأة رجل من ثقيف، وابنته - يعني من غيرها - ، انتهى‏.‏ حدثنا ابن علية عن أيوب، قال‏:‏ سئل عن ذلك محمد بن سيرين فلم يرى به بأسًا، وقال‏:‏ نبئت أن جبلة - رجلًا كان بمصر - جمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها، انتهى‏.‏ وهذا رواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ من حديث أيوب عن محمد بن سيرين أن رجلًا من أهل مصر كانت له صحبة، يقال له‏:‏ جبلة كان جمع بين امرأة رجل، وابنته من غيرها، قال أيوب‏:‏ وكان الحسن يكرهه، انتهى‏.‏ واخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي، ومجاهد، وابن سيرين، وسليمان بن يسار أنهم قالوا‏:‏ لا بأس بذلك، وأخرج عن الحسن، وعكرمة أنهما كرهاه، انتهى‏.‏

قوله‏:‏ قلنا‏:‏ ثبت النسخ بإِجماع الصحابة - يعني نسخ المتعة - ، قلت‏:‏ أخرج مسلم ‏[‏عن مسلم في ‏"‏باب نكاح المتعة‏"‏ ص 452 - ج 1‏.‏‏]‏ عن عروة بن الزبير أن عبد اللّه بن الزبير قام بمكة، فقال‏:‏ إن ناسًا أعمى اللّه قلوبهم، كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة، يعرّض برجل، فناداه‏:‏ إنك لجلف جاف، فلعمري لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين - يريد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ - فقال له ابن الزبير‏:‏ فجرب بنفسك، فو اللّه لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك، قال ابن شهاب‏:‏ فأخبرنا خالد بن المهاجر بن سيف اللّه أنه بينما هو جالس عند رجل، جاءه رجل فاستفتاه في المتعة، فأمره بها، فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري‏:‏ مهلا، قال‏:‏ ما هي‏؟‏ واللّه لقد فعلت في عهد إمام المتقين، قال ابن أبي عمرة‏:‏ إنها كانت رخصة في أول الإِسلام لمن اضطر إليها، كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، ثم أحكم اللّه الدِّين، ونهى عنها، قال ابن شهاب‏:‏ وأخبرني ربيع بن سبرة الجهني أن أباه قال‏:‏ قد كنت استمتعت في عهد النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ امرأة من بني عامر ببردين أحمرين، ثم نهانا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن المتعة، قال ابن شهاب‏:‏ وسمعت ربيع ابن سبرة يحدث ذلك عمر بن عبد العزيز، وأنا جالس، انتهى‏.‏

- أحاديث التحريم والنسخ‏:‏ أخرجه مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏:‏ ص 452‏.‏‏]‏ عن إياس بن مسلمة بن الأكوع، قال‏:‏ رخص رسول اللّه عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثًا، ثم نهى عنها، انتهى‏.‏ قال البيقهي ‏[‏ولفظ البيهقي‏:‏ ص 204 - ج 7، وعام أوطاس، وعام الفتح واحد، فأوطاس، وإن كانت بعد الفتح، فكانت في عام الفتح بعده بيسير، فما نهى عنه لا فرق بين أن ينسب إلى عام أحدهما، أو إلى الآخر، انتهى‏]‏‏:‏ وعام أوطاس، وعام الفتح واحد، لأنها بعد الفتح بيسير، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه مسلم أيضًا عن سبرة بن معبد الجهني، قال‏:‏ أذن لنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بالمتعة، فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر، كأنها بكرة عيطاء، فعرضنا عليها أنفسنا، فقالت‏:‏ ما تعطي‏؟‏، فقلت‏:‏ ردائي، وقال صاحبي‏:‏ ردائي، وكان رداء صاحبي أجود من ردائي، وكنت أشب منه، فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها، وإذا نظرت إليّ أعجبتها، ثم قالت‏:‏ أنت ورداؤك يكفيني، فمكث معها ثلاثًا، ثم إن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ من كان عنده شيء من هذه النساء التي يتمتع بهن، فليخل سبيله، انتهى‏.‏ وفي لفظ‏:‏ أنه غزا مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عام الفتح، فأذن لنا في متعة النساء، الحديث‏.‏ وفي لفظ‏:‏ أمرنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة، ثم لم يخرج حتى نهانا عنها، انتهى‏.‏ وفي لفظ‏:‏ أنه كان مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ يا أيها الناس، إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وأن اللّه عز وجل قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا، انتهى‏.‏ وفي لفظ‏:‏ قال‏:‏ نهى عن المتعة، وقال‏:‏ ألا إنها حرام، من يومكم هذا إلى يوم القيامة، ومن كان أعطى شيئًا فلا يأخذه، انتهى‏.‏ وطوله ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏، فقال‏:‏ ذكر البيان بأن المصطفى عليه السلام حرم المتعة عام حجة الوداع، أخبرنا محمد بن خزيمة بسنده عن سبرة، قال‏:‏ خرجنا مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فلما قضينا عمرتنا قال لنا‏:‏ استمتعوا من هذه النساء، قال‏:‏ والاستمتاع عندنا يومئذ التزوج، فعرضنا بذلك النساء أن نضرب بيننا وبينهن أجلًا، قال‏:‏ فذكرنا ذلك للنبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فقال‏:‏ افعلوا، فخرجت أنا، وابن عم لي، معي بردة ومعه بردة، وبرده أجود من بردي، وأنا أشب منه، فأتينا امرأة فعرضنا ذلك عليها، فأعجبها شبابي، وأعجبها برد ابن عمي، فقالت‏:‏ برد كبرد، فتزوجتها، وكان الأجل بيني وبينها عشرًا، فلبثت عندها تلك الليلة، ثم أصبحت غاديًا إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فوجدته بين الحجر والباب قائمًا يخطب الناس، وهو يقول‏:‏ أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع في هذه النساء، ألا وإن اللّه قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا، انتهى‏.‏ ورواه أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏باب نكاح المتعة‏"‏ ص 283 - ج 1‏.‏‏]‏ من حديث إسماعيل بن أمية عن الزهري، قال‏:‏ كنا عند عمر بن عبد العزيز، فتذاكرنا متعة النساء، فقال رجل‏:‏ قال الربيع بن سبرة‏:‏ أشهد على أبي أنه حدث أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عنها في حجة الوداع، انتهى‏.‏ وبهذا استدل الحازمي في ‏"‏كتاب الناسخ والمنسوخ‏"‏ ‏[‏ذكره الحازمي في ‏"‏باب نكاح المتعة‏"‏ ص 178‏.‏‏]‏ على نسخ المتعة، وبحديث علي من جهة الدارقطني الآتي‏.‏

- حديث آخر‏:‏ روى البخاري، ومسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏نكاح المتعة‏"‏ ص 452 - ج 1، وعند البخاري في ‏"‏باب نهي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن نكاح المتعة أخيرًا‏"‏ ص 767 - ج 2‏]‏ من طريق مالك عن ابن شهاب عن عبد اللّه، والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإِنسية، انتهى‏.‏ وفي لفظ لمسلم‏:‏ إن عليًا سمع ابن عباس يلين في المتعة، فقال‏:‏ مهلا يا ابن عباس، فإن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإِنسية، انتهى‏.‏ أخرجه البخاري في غزوة خيبر، ومسلم في ‏"‏النكاح‏"‏، وفي ‏"‏الذبائح‏"‏، ورواه الباقون - خلا أبا داود - قال السهيلي في ‏"‏الروض الأنف‏"‏ ‏[‏قال ابن قدامة في ‏"‏المغنى‏"‏ ص 572 - ج 7 بعد ما ذكر حديث ربيع بن سبرة‏:‏ أنه قال‏:‏ أشهد على أبي أنه حدث أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عنه في حجة الوداع، وحديث علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية، رواه مالك في ‏"‏موطأه‏"‏ فقال‏:‏ واختلف أهل العلم في الجمع بين هذين الخبرين، فقال قوم‏:‏ في حديث علي تقديم وتأخير، وتقديره‏:‏ أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، ونهى عن متعة النساء، ولم يذكر ميقات النهي عنها، وقد بينه الربيع بن سبرة في حديثه، أنه كان في حجة الوداع‏:‏ حكاه الإمام أحمد عن قوم، وذكره ابن عبد البر، وقال الشافعي‏:‏ لا أعلم شيئًا أحله اللّه، ثم حرمه، ثم أحله، ثم حرمه إلا المتعة، فحمل الأمر على ظاهره، وأن النبي صلى اللّه عليه وسلم حرمها يوم خيبر، ثم أباحها في حجة الوداع، ثلاثة أيام، ثم حرمها، ولأنه لا تتعلق به أحكام النكاح من الطلاق، والظهار، واللعان، والتوارث، فكان باطلًا، كسائر الأنكحة الباطلة، انتهى‏]‏‏:‏ هذه رواية مشكلة، فإن هذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السِّير، ورواة الأثر‏:‏ أن المتعة حرمت يوم خيبر، وقد رواه ابن عيينة عن ابن شهاب، فقال فيه‏:‏ إن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن أكل الحمر الأهلية عام خيبر، وعن المتعة، ومعناه على هذا اللفظ‏:‏ أي ونهى عن المتعة بعد ذلك، فهو إذًا تقديم وتأخير في لفظ ابن شهاب، لا في لفظ مالك، لأن مالكًا قد وافقه على لفظه جماعة من رواة ابن شهاب، واللّه أعلم، انتهى كلامه‏.‏

قلت‏:‏ لم أجد رواية ابن عيينة عن ابن شهاب في ‏"‏صحيح مسلم‏"‏ إلا بلفظ مالك‏:‏ أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية، انتهى‏.‏ ثم رواه من حديث يونس عن ابن شهاب به أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإِنسية، انتهى‏.‏ ثم رواه من حديث عبيد اللّه عن ابن شهاب به، أن عليًا سمع ابن عباس يلين في متعة النساء، فقال‏:‏ مهلا يا ابن عباس، فإني سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإِنسية، انتهى‏.‏ وكأنه عند البخاري ‏[‏قلت‏:‏ لم أجده في ‏"‏البخاري‏"‏‏.‏‏]‏، وينظر، قال السهيلي‏:‏ واختلف في وقت تحريم نكاح المتعة، فأغرب ما روي في ذلك رواية من قال‏:‏ إن ذلك كان في غزوة تبوك، ثم رواية الحسن‏:‏ إن ذلك في عمرة القضاء، والمشهور في ذلك رواية الربيع بن سبرة عن أبيه، أنه كان عام الفتح، وهو في ‏"‏صحيح مسلم‏"‏‏.‏

- وفيه حديث آخر‏:‏ رواه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏نكاح المتعة‏"‏ ص 283 - ج 1‏.‏‏]‏ من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه أيضًا‏:‏ أن تحريمها كان في حجة الوداع، ورواية من روى أنه كان في غزوة أوطاس موافقة لرواية عام الفتح، واللّه أعلم، انتهى كلامه‏.‏ قلت‏:‏ رواية غزوة تبوك أخرجها الحازمي في ‏"‏الناسخ والمنسوخ‏"‏ ‏[‏ذكره الحازمي في ‏"‏الاعتبار‏"‏ ص 180‏]‏ عن عبد الرحيم بن سليمان عن عباد بن كثير حدثني عبد اللّه بن محمد بن عقيل سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاري يقول‏:‏ خرجنا مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى غزوة تبوك، حتى إذا كنا عند العقبة مما يلي الشام جاءت نسوة، فذكرنا تمتعنا، وهن تطفن في رحالنا، فجاءنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فنظر إليهن، وقال‏:‏ من هؤلاء النسوة‏؟‏ فقلنا‏:‏ يا رسول اللّه نسوة تمتعنا منهن، قال‏:‏ فغضب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ حتى احمرت وجنتاه، وتمعر وجهه، وقام فينا خطيبًا، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم نهى عن المتعة، فتوادعنا يومئذ الرجال والنساء، ولم نعد، ولا نعود لها أبدًا، فبها سميت يومئذ‏:‏ ثنية الوداع، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ روى الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ حدثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا أحمد بن الأزهر ثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا عكرمة بن عمار ثنا سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ حرم أو هدم المتعةَ، النكاحُ، والطلاق، والعدة، والميراث، انتهى‏.‏ قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ إسناده حسن، وليس فيه من ينظر في أمره، إلا أحمد بن الأزهر بن منيع النيسابوري، وقد روى عنه أبو حاتم، وابنه أبو محمد، وقال فيه أبو حاتم‏:‏ صدوق، وذكر جماعة رووا عنه نحو العشرة، وأخرج الدارقطني ‏[‏حديث أبي هريرة المار، وهذه الرواية عند الدارقطني في ‏"‏النكاح‏"‏ ص 398‏]‏ أيضًا نحو هذا الحديث من رواية علي بن أبي طالب، فرواه من طريق ابن لهيعة عن موسى بن أيوب عن إياس بن عامر عن علي بن أبي طالب، قال‏:‏ نهى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن المتعة، قال‏:‏ وإنما كانت لمن لم يجد، فلما أنزل النكاح، والطلاق، والعدة، والميراث بين الزوج والمرأة نسخت، انتهى‏.‏ ورواه الحازمي في ‏"‏كتابه‏"‏ ‏[‏ذكره الحازمي في ‏"‏الاعتبار - باب نكاح المتعة‏"‏ ص 171‏.‏‏]‏ من طريق الدارقطني، وقال‏:‏ غريب من هذا الوجه، وقد روي من طرق تقوي بعضها بعضًا، انتهى‏.‏ وضعفه ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ - الحديث التاسع‏:‏ قال عليه السلام‏:‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه مسلم عن عروة بن الزبير أن عبد اللّه بن الزبير قام بمكة، فقال‏:‏ إن ناسًا أعمى اللّه قلوبهم، كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة، يعرض برجل ‏[‏قال ابن الهمام في ‏"‏الفتح‏"‏ ص 386 - ج 2‏:‏ ولا تردد في أن ابن عباس هو الرجل المعرض به، وكان رضي اللّه عنه قد كف بصره، فلذا قال ابن الزبير‏:‏ كما أعمى أبصارهم، الخ‏.‏‏]‏، فناداه، فقال‏:‏ إنك لجلف جاف، فلعمري لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين - يريد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ - فقال له ابن الزبير‏:‏ فجرب بنفسك، فواللّه لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك، قال ابن شهاب‏:‏ فأخبرني خالد ابن المهاجر بن سيف اللّه أنه بينما هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه، فأمره بها، فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري‏:‏ مهلا، قال‏:‏ ما هي‏؟‏ واللّه لقد فعلت في عهد إمام المتقين، قال ابن أبي عمرة‏:‏ إنها كانت رخصة في أول الإِسلام لمن اضطر إليها، كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، ثم أحكم اللّه الدّين، ونهى عنها، قال ابن شهاب‏:‏ وأخبرني ربيع بن سبرة الجهني أن أباه قال‏:‏ كنت استمتعت في عهد النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ امرأة من بني عامر ببردين أحمرين، ثم نهانا عنها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى‏.‏وقال الحازمي في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ وقد كانت المتعة مباحة مشروعة في صدر الإِسلام، وإنما أباحها النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ للسبب الذي ذكره ابن مسعود، كما أخرجه البخاري، ومسلم عن قيس بن أبي حازم، قال‏:‏ سمعت عبد اللّه بن مسعود يقول‏:‏ كنا نغزوا مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ليس لنا نساء، فقلنا‏:‏ ألا نستخصي، فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب، إلى أجل، ثم قرأ عبد اللّه ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم، ولا تعتدوا إن اللّه لا يحب المعتدين‏}‏ [المائدة: 87]، انتهى‏.‏ أو للسبب الذي ذكره ابن عباس، كما رواه الترمذي عن محمد بن كعب عن ابن عباس، قال‏:‏ إنما كانت المتعة في أول الإِسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم، فتحفظ له متاعه، وتصلح له شيئه، حتى إذا نزلت الآية ‏{‏إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم‏}‏ [المؤمنون: 6] قال ابن عباس‏:‏ فكل فرج سواهما حرام، انتهى‏.‏ قال الحازمي‏:‏ ولم يبلغنا أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أباحها لهم وهم في بيوتهم وأوطانهم، وكذلك نهاهم عنها غير مرة، وأباحها لهم في أوقات مختلفة بحسب الضرورات، حتى حرمها عليهم في آخر سنيه، وذلك في حجة الوداع، فكان تحريم تأبيد لا خلاف فيه بين الأئمة وفقهاء الأمصار، إلا طائفة من الشيعة، ويحكى عن ابن جريج قال‏:‏ وأما ما يحكى فيها عن ابن عباس، فإنه كان يتأول إباحتها للمضطر إليها، بطول الغربة، وقلة اليسار، والجدة، ثم توقف، وأمسك عن الفتوى بها، ثم أسند من طريق الخطابي ثنا ابن السماك ثنا الحسن بن سلام السواق ثنا الفضل بن دكين ثنا عبد السلام عن الحجاج عن أبي خالد عن المنهال عن سعيد بن جبير، قال‏:‏ قلت لابن عباس‏:‏ لقد سارت بفتياك الركبان، وقالت فيها الشعراء، قال‏:‏ وما قالوا‏؟‏ قلت‏:‏ قالوا‏:‏

قد قلت للشيخ لما طال مجلسه‏:‏ * يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس،

هل لك في رخصة الأطراف آنسة، * تكون مثواك حتى مصدر الناس‏؟‏

فقال‏:‏ سبحان اللّه‏!‏ واللّه ما بهذا أفتيت، وما هي إلا كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، لا تحل إلا للمضطر، انتهى‏.‏

- أحاديث مخالفة لما تقدم‏:‏ أخرج مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ عن عطاء بن أبي رباح، قال‏:‏ قدم جابر بن عبد اللّه معتمرًا فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا المتعة، فقال‏:‏ نعم استمتعنا على عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأبي بكر، وعمر رضي اللّه عنهما، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ وأخرج مسلم أيضًا عن أبى الزبير، قال‏:‏ سمعت جابر بن عبد اللّه، يقول‏:‏ كنا نستمتع بالقبضة من التمر، والدقيق الأيام على عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأبي بكر، حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ وأخرج مسلم أيضًا عن عاصم بن أبي نضرة، قال‏:‏ كنت عند جابر بن عبد اللّه فأتاه آت، فقال‏:‏ إن ابن عباس، وابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر‏:‏ فعلناهما مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ثم نهانا عنهما عمر، فلم نعد لهما، انتهى‏.‏

قوله‏:‏ وابن عباس صح رجوعه إلى قولهم‏:‏ فتقرر الإِجماع، قلت‏:‏ روى الترمذي في ‏"‏جامعه‏"‏ ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏نكاح المتعة‏"‏ ص 145 - ج 1، وفيه‏:‏ ‏"‏وتصلح له شيئه‏]‏ حدثنا محمود بن غيلان ثنا سفيان بن عقبة أخو قبيصة بن عقبة ثنا سفيان الثوري عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب عن ابن عباس، قال‏:‏ إنما كانت المتعة في أول الإِسلام، كان الرجل يقدم البلدة، ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم، فتحفظ له متاعه، وتصلح له شيئه، حتى إذا نزلت الآية ‏{‏إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم‏}‏ [المؤمنون: 6] قال ابن عباس‏:‏ فكل فرج سواهما فهو حرام، انتهى‏.‏ وسكت عنه، قال الترمذي‏:‏ وإنما روي عن ابن عباس شيء من الرخصة في المتعة، ثم رجع عن قوله‏:‏ حيث أخبر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى‏.‏

*4* باب في الأولياء والأكفاء

- الحديث الأول‏:‏ أحاديث الأصحاب في عدم اشتراط الولي‏:‏ أخرج الجماعة ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏باب ما جاء في استئمار البكر والثيب‏"‏ ص 143 - ج 1، وعند مسلم في ‏"‏باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت‏"‏ ص 455 - ج 1، وعند أبي داود في ‏"‏باب في الثيب‏"‏ ص 286 - ج 2، وعند النسائي في ‏"‏باب استئمار الأب البكر في نفسها‏"‏ ص 77 - ج 2، وعند مالك في ‏"‏الموطأ - في باب استئذان البكر والأيم في نفسها‏"‏ ص 189، وقال ابن الهمام في ‏"‏الفتح‏"‏ ص 393 - ج 2‏:‏ والأيم من لا زوج لها، بكرًا كانت، أو ثيبًا، انتهى‏]‏‏.‏ - إلا البخاري - عن نافع بن جبير عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏الأيّم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها‏"‏، انتهى‏.‏ وفي لفظ لمسلم‏:‏ الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها، انتهى‏.‏ ووجهه أنه شارك بينها وبين الولي، ثم قدمها بقوله‏:‏ أحق، وقد صح العقد منه، فوجب أن يصح منها، قال ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ والجواب أنه أثبت لها حقًا، وجعلها أحق، لأنه ليس للوليّ إلا المباشرة، ولا يجوز له أن يزوجها إلا بإِذنها‏.‏